لمْ يكتبْ "فيدور دستوفسكي" الكاتب الروسي العظيم
للمسرح ، ومع ذلك فإن عددًا كبيرًا من الصفحات الخاصة بتاريخ المسرح الروسي
والسوفيتي تتناول مؤلفاته . وهذا أمر طبيعي . فإن ما تنطوي عليه هذه المؤلفات من
قوة درامية وعمق نفسي، وثروة من الشخصيات والمواقف المثيرة ، تجعل من مؤلفات هذا
الروائي اللامع شيئًا فذًا لا نظير له.. والشخصيات الواقعية التي صورتها المخيلة
الإبداعية للمؤلف "المهانون والمجروحون" و" الجريمة والعقاب"
و" العبيط" هذه الشخصيات التي استهوت منذُ أمدٍ بعيد الممثلين ومخرجي
المسرح.
وأبطال دستوفسكي يعيشون ويتعذبون ويتأملون أسباب وجودهم
وعلة الحياة عامة، ويؤمنون ويرتابون ، ثم يذعنون ويتمردون.. هذا كله لا ينم على
صفحات كتبه فحسب، بل إن كثيرًا من هذه الشخصيات قد بعث مرة أخرى على خشبة المسرح..
ومن دواعي الغبطة البالغة أن يرى المرء أبطال دستوفسكي على المسرح وهم لا يقلون
استثارة للعاطفة، وقدرة على التعبير وتصويرًا لمضمون الفكرة عنهم بين صفحات كتبه.